وليمة متنقلة
لاأعلم إن كانت تخفي سرا في نظراتها... نظراتها المميتة كشفرة حلاقة.
ذات يوم ربيعي، خرجت من درب ( البن) بشارع محمد الطريس، عارية ورائحة القهوة اللذيذة، القوية، تلتصق بجسدها المكتنز. تخطت بسرعة البرق مطعم ( الشاط) الصغير .. وقفت كحواء إزاء دكان للمنتوجات التقليدية والملابس الجاهز والأحدية العصرية، يتيمة، تائهة، ومجنونة. كانت الأعين تراقبها، أعين نهمة، شرهة.
كانت حياتها زحلية، ولم تكن ترغب سوى في بضع ثياب تستر بها جسدها المرتجف، المترنح من توحش ذئاب ( المحطة القديمة).
كانت الذئاب تنهش لحمها كل ليلة من ليالي الشتاء القاسية، المريرة، والصامتة بالتناوب على جسدها كوليمة متنقلة.
جرأة
بابتسامة ماكرة، سألت المذيعة ضيف برنامجها المشاغب:
- هل استطعت طوال حياتك أن تفهم المرأة؟
فقال ضاحكا:
إذا سمحت لي، سيدتي، أن أسالك بدوري:
- هل فكرت مرة واحدة طوال حياتك في القبض على القمر؟
حينئذ، سكتت المذيعة عن الكلام، فأمر المخرج العمال بإطفاء الأضواء.
الغيرة
ذات مساء استدعيت لحضور أمسية تكريمية بنادي ثقافي شهير لشاعر صديق.
كان شيخ يتكلم.
اقتربت لأسمع مايقول. كانت لحيته البيضاء ممدودة على صدره كسجاد. وكان يرتدي جلبابا رماديا صيفيا واسعا.
كان يتكلم عن الأصل والمركز و....
تكلم عن أب الشاعر المكرم. تكلم عن الشجرة وغيب الغصن.
أصاب الشاعر دوار وأغمي عليه... احتشد حوله رجال ونسوة. شيوخ وشباب....
خرجت، تائها وحائرا وسط أصوات الباعة الجائلين بشارع محمد الخامس. كان بي ظمأ. تمشيت حتى وصلت إلى زنقة الصفار، وقفت عند مكتبة سلمى، تبادلت حديثا وديا مع صاحب المكتبة عبد الهادي بن يسف عاشق الكتب، ثم ودعته وتابعت طريقي إلى أن وصلت إلى سقاية باب العقلة، بللت شعري المشعت بالماء، ثم انصرفت، وأنا أحث الخطى إلى بيتي فكرت في ألا أعاود حضور أي تكريم منذ اليوم.
تعليقات:
